نمر في حياتنا بكثير من “انحناءات القدر” من المواقف التي لم نخطط لها و لم تكن بالحسبان أساساً. لا نعرف كيف وصلت إلى مخطوط حياتنا و لا حتى المغزى من وجودها فيه. مواقف تتضح الحكمة منها بعد حدوثها بسنوات كثيرة و تحمل معها النور دائماً. و لذلك كان الإيمان بالقدر خيره و شره من أهم واجبات المسلم المؤمن. في الحديث:ت
. «وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ؛ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ الله وَمَا شَاءَ فَعَلَ.»
كفانا الله هم الانشغال بكل ما يحصل لنا و خلصنا من لوم أنفسنا قبل أن يقع. الرضا و الإيمان نعمة من نعم الله فاطلبها و اخلص في طلبها. قد يقدر لنا حادث ما “سيءٌ” بكل مقاييس البشر و لكنه “خير” عند الله و هو يعلم و سيبشرك إن رضيت. ستجد في قلبك فرحة و هدوء جميلين و أنت تقف في منتصف أحلك عواصف حياتك. موت ، طلاق، رسوب ، مرض و غيرها. لا تلُم نفسك على هذه الراحة التي تجدها و تؤنب نومك الهنيء و تمقته لأنك يجب أن تحزن و تجزع كما حكم البشر في مثل هذه الظروف. هذا من عمل الشيطان ، يدخل لابن آدم من مداخل لا يفطن إليها ليحزنه و يفرق بينه و بين ربه و يخلق بينهما العدواة.
من انحناءات القدر الكبيرة التي أذكرها في حياتي و التي تكللت بأن أصبحتُ طبيبة أحكيها لكم هنا. تربيت في بيت الشعر و الأدب. يتسابق أطفال العائلة على حفظ القصائد و فهمها على مدى أجيال. نتجمع لنسمع قصائد جدي رحمه الله الجديدة حتى نتدارسها و نلقيها بعده. المفضل لديه و صاحب الحظ الجميل من يحفظها من المرة الأولى. نواجه التقريع من أي أحد يكتشفُ أننا لا نحفظ أو نعرف بيت شعر من قصائد جدي أو أولاده .تجدنا في ليلة هَطلاء متجمعين تحت الأنجم نتساجل صغيرنا و كبيرنا، فهي لعبتنا المفضلة و حلوى لقائنا كل جمعة.
في المدرسة كنت أتململ من الطابور الصباحي إن لم يكن في آخره قصيدة مغناه أو على الأقل بيتي شعر أو نثر لذيذ أستقبل به يومي. حتى جاء الأسبوع الدراسي الأول من بعد الصيفية. لم يهتم أحد بإعداد برنامج للإذاعة المدرسية من طالبات و لا معلمات. مديرتنا شديدة على الجميع تحب أن تستغل دقائق الطابور في أي شيء فإن لم يكن هنالك كلمة طويلة تلقيها طالبة ما لكي تتلذذ بتصحيح نطقها و إحراجها، فستستغل هذا الوقت لتهزيئنا جميعاً. و كي أوفر الاستياء على الجميع تبرعت ـ أقصد تهورتُ ـ بأن أقدم برنامج الإذاعة بأكمله ذلك الصباح! يشبه هذا الموقف قصتي مع طبيب هنا.. يومها لم أحضّر شيء و لم أستعد و كنت حرفياً أفكر ماذا سأقول و أنا أمشي إلى المنصة و أتناول مكبر الصوت. أعلم أني سأجد شيء ما لأقوله مما أقرأ و أسوأ ما سيحصل هو أن تهزئنا المديرة كما تعودنا .. لا شيء جديد ! وقفتُ أمامهم و هم في صمتٍ رهيب، تكاد تسمع صوت دبيب النمل و أسمع أنا صوت نزار قباني و الأخطل و البحتري و جدي الحبيب! كنت لا أحفظ إلا القصائد و ليس من اللائق أن ألقي قصيدة و أختم برنامجي و حسب.
لكني تذكرت فجأة أني أعرف قصة الأصمعي و قصيدة (صوت صفير البلبل ..هيج قلبي الثمل..الخ) حكيت لهم القصة و ألقيت القصيدة مع شرح بعض الكلمات و أضفت ذلك الأداء إلى قائمة المسرحيات التي مثلتها على مسرح المدرسة. الحي كله سمع أصوات قهقهاتنا ذلك اليوم. و أصبح الجميع ينادونني “يالأصمعي” .. بعدها بأسبوع تقريباً أهدتني زميلة ديوان قيس ابن الملوح و ياليتها ما فعلت! فقد رسم أبي شوارع بأرصفة تدمي على ظهري بسببه. فكيف لطفلة في الثالثة عشرة أن تكتوي بنار قيس و ليلى بعد أن ماتا و الخيزرانة على قيد الحياة تعرض خدماتها..كل شيء حولي هيأني لأسلك هذا الطريق حتى دخلت الثانوية بعد سنوات ، و درسنا البلاغة فتأكدتُ تماماً أن هذا ما سأختاره كتخصص فيما بعد.
بعد صيفية السنة الأولى في الثانوية ، و أول يوم دراسي وقفتُ مع طابور القسم الأدبي و أنا أتشوق لأول درس حتى أتناظر كالعادة مع أستاذة الأدب. لكن المديرة المشؤومة جرتني بشعري في منظر محرج إلى طابور القسم العلمي. سألتها بغضب ماذا تفعلين؟ أنا متأكدة بأني سجلت اسمي في القسم الأدبي. قالت لقد اتصلتْ بنا أمك و أصرت أن أنقلك إلى القسم العلمي شئتي أم أبيتي!
و كما تتوقعون ، فتاة بهذه الشقاوة تعرف كيف تمارس تمردها في وجه أصحاب القرار . ففي الأسابيع الأولى أعلنت إضرابي، أقف في طابور القسم العلمي لكني أحضر دروس البلاغة و الأدب و أتسلسل إلى دروس الكيمياء التي أحب أحياناً في فصل آخر. لا أدري ماذا أفعل أمام إصرار أمي و رغبتي في القسم الأدبي و حبي للكيمياء معاً! لا أتخيل حياتي بدونهما أبداً. من الغبي الذي اخترع هذين القسمين و حكم أن يفرقنا عن صديقاتنا و المواد التي نحب؟ .. اقتربت امتحانات منتصف الفصل وخشيت الرسوب الذي أجهله و خيزرانة والدي التي أعرفها، فأصبحت أدوام اليوم كاملاً في فصل القسم العلمي. لكن في الصف الأخير، لا أحل الواجبات و أرفض المشاركة إلا في دروس الإنشاء و الفقه و الكيمياء طبعاً.
تقبلتُ قدري شيئاً فشيئاً . أصحبتُ أقرأ الشعر و النثر في أوقات فراغي و أجمع الدواوين. نما حب الصحة و الحيوانات المجهرية و أثمر و أزهر يوماً بعد يوم. في السنة الثالثة في الثانوية كان آخر درس في الأحياء عن المضادات الحيوية و اللقاحات ضد الأمراض. تمنيت أن كل ما درسناه فيها عن صحة الأجساد و ليس أعمدة التخزين في النبتة و قرون الذبابة و عدد أصابع الضفدع ! سألتُ معلمتي كثيراً من الأسئلة لكن لم ترويني إجاباتها و بقيتُ عطشى. انتهت السنة الدراسية ، تلفتُ حولي لأجد كتب طب الأعشاب و الطب النبوي و موسوعات الحيوانات المجهرية تفوق عدد دواوين الشعر التي أجمع. حتى بعد أن استعدتُ ديوان قيس ابن الملوح و نزار قباني.
كان تمردي يعميني عن قدري الجميل. أحلل و أفكر كيف أُجبرتُ على شيء سأتحمل أنا عواقبه في الحالتين. فأنا التي تحملتُ مرارة الرياضيات و إزعاج الفيزياء و ملل النظر إلى وجه معلمة الأحياء و خيالي يعدُ لفائف عمامة المتنبي. كرهتُ أن يحصل لي هذا مرة أخرى و أن أستسلم في محاولة لتحقيق أحلام الآخرين. أو أن أكتشف أنهم على حق و لكن بعد أن أتمرغ في التعاسة طويلاً. بعد هذا تفحصتُ حياتي و أخر ست سنوات منها ملياً. من عمر ١٢ إلى ١٨ .. و لكن هذه المرة إلى الخلف. بدأت أوصل النقاط ببعضها بالعكس و أفسر المواقف بحيادية. سألتُ نفسي ، ماذا سأختار لو أُعطيتُ الحرية التامة؟ ماذا سأكتب في لوح حياتي إذا كنت أملك القلم و هل سأحكي قصتي بفخر ذات يوم! كل فجر أختلي بنفسي و سقفي السماء لمدة أسبوع. أبحث عن إجابة و لكن هذه المرة بيني و بين خالقي. لم يذكر أحد في بيتنا كلية الطب. و لم أكن أعرف حتى إن كان في مدينتنا كلية طب أساساً .. لا أهتم و لا أعرف!
استخرتُ ذات ليلة و أطلتُ الدعاء و طلبتُ إشارة من الله أعرف منها أن دراسة الطب خير لي حتى أتمسك بها. رأيت في المنام أني أقرأ من كتاب أحمر بالانجليزية بكل سلاسة و قد تراكمت كتب كثيرة حولي على طاولة الطعام في منزلنا. كل هذا و أنا ألبس معطفاً أبيض لكنه أكبر من مقاسي! . تقبلت هذه الرؤيا كعلامة و سجلت في كلية الطب بدون علم أحد. بقية القصة كتبت عنها هنا.
في وسط صمت والديَّ بعد تخرجي من الثانوية ، تنبأتُ بأن لديهما خطة لمستقبلي لا تتضمن الدراسة بل “قيسٌ” و “قياقيس ” يشبهونه .. كان هذا قبر الأحلام الذي حكته لنا أمي كفصل من حياتها. لا أفهم كيف تريد أن تعيد التاريخ في ابنتها بكل تسلط. ألا تذكر أنها دفنت وظيفتها الحلم عندما كانت في عمري؟ ألا تذكر كل ذلك الألم الذي حكته لنا! عندها تذكرتُ ما قرأته عن الأشخاص الذين يحكون قصة حزينة و هم يبتسمون. هذا يعني أنهم انفصلوا عن الألم و كأنهم تنازلوا عن ملكيته بينهم و بين أنفسهم. و لذلك لا مانع لديهم من أن يعيدوا كتابة نفس المأساة في حياة أبنائهم و من يحبون.
آمنتُ وقتها بأني يجب أن أدافع عن حلمي و أجمع شجاعة في حجمه و أكبر حتى أستطيع أن ألتزم به. أعرف مسبقاً أن الالتحاق بكلية لا تؤدي إلى وظيفة معلمة مدرسة في النهاية “ممنوعة”لأنها جديدة و مجهولة. لكن بعد أن وجدت في قلبي الراحة و الشجاعة شاركتهم بما أخطط له و الحمد لله كسبتُ والدي في صفي .. تجدون بقية قصة التحاقي بكلية الطب (..هنــا..) .
الناس لا يعرفون دواخلنا و لا أفكارنا في كل لحظة حتى لو شاركناها معهم. لا يعرفون ما يشعل النيران في صدورنا و لا ما يأخذنا في رحلة فوق السحاب بكل نشوة و سعادة. و مهما شرحتَ لهم – و لست مضطراً إلى ذلك – لأن لا بقاء لهم، فلن يتفهموا. فهم إن كتب الله لهم الوجود في حياتك من البداية ،فهم في النهاية راحلون و قد ترحل قبلهم فما الجدوى من كل هذا التسلط؟ لماذا لا يختار كل إنسان ما يريد أن يفعل بحياته طالما أنه لم يغضب ربه و لا ينوي ذلك! من أعطاهم حق التحكم بنا ؟ اكتشفتُ و أنا أتساءل أننا ضحايا أنفسنا! نحن نسلمهم الباب و المفتاح باستسلامنا المستمر. نتقبل في صمت طبق السلطة بالكمون المزعج و لا نعترض على لون جدار غرفتنا مثلاً حتى يصل الأمر إلى أكبر أسباب وجودنا في الحياة. تصعيد للسيطرة مستمر و ركود من ناحيتنا لا يحتمل العواصف مهما صفى الجو بعدها أو صار أجمل. ليس من البِر أو طيب الأخلاق أن نحقق أحلام الآخرين لأنهم لم يستطيعوا فعل ذلك بأنفسهم! تيقن أنه إن لم تختر فقد اختير لك. عندما تتقبل بدون تفكير و “تأمل” في تفردك كشخص منفصل عمن حولك كل ما يفرضه الآخرون ،فأنت تظلم نفسك. ستمارس تسلطهم على نفسك فيما بعد بدون أن تشعر أنك ضحية يديك هذه المرة. ستأكل ذات الأكل و إن كنت لا تستطعمه و تنام و تصحو بنفس الطريقة! ستحرم نفسك من التجول في متاحف الفنون و الاختراعات بعيداً عنهم لأنهم زرعوا في رأسك “سذاجة” الفنانين و غباء الرسامين. فهم لم يختاروا القسم العلمي و انضموا إلى قطيع الأدباء في الطبقة السفلى أو شذوا عن العرف و أصيبوا بجنون العلماء حيث لا يعلمون.
في هذا المقال أردت أن ألفت انتباهكم إلى التفاعل الخفي بين كل ما يتحكم بمصيرنا.. رغباتنا، تأثير الآخرين ، و القدر ! كلما وجدتَ نفسك في حيرة ، فاعلم أنك تميل لأحد هذه الجوانب و تهمل البقية. كأن تُسلم نفسك للقدر كلية و تنام طيلة النهار و تنتظر الفرج من حيث لا تعلم! و كأن تميل كالريشة يمنة و يسرة مع آراء الآخرين فيك و فيما يناسبك كتخصص أو مستقبل أو حتى شريكـ\ ـة حياة. أو أن تتمسك بجانب واحد منك و أنت تغمض عينيك كما فعلتُ في قصتي هنا مع الشعر و الأدب و تهمل بقية مواهبك و رغباتك. لو تتأمل فقط في كل ما آتاك الله من نعم و مواهب و ميزات و تطلبه الخيرة لانكشفت عنك الغمة سريعاً. ستجد فعلاً أن التوازن مختل في حياتك و الطريقة التي تأخذ بها قراراتك غير مستقيمة. و ستفهم “فجأة” حكمة الله في كل المصائب و الصعوبات التي مررت بها. هذا بحد ذاته يعطيك جرعة كبيرة من الإيمان و الشجاعة لما تبقى من حياتك.
كونت بعد سنوات عادة أن أفكر في المشكلات التي تمر بي و لكن من ناحية أخرى مختلفة. أفكر فيها كعلامات لدروس يريدني الله أن أفهمها. وجدتُ فعلاً أنني لم أعد أُلدغ من الجحر مرتين ! و أن وقوعي في نفس الموقف الصعب أكثر من مرة يعني أني لم أفهم الدرس و لم أستوعب الحكمة! عرفتُ نقاط ضعفي التي كثيراً ما تكون سبب مشكلاتي. و الأجمل من هذا أنه قد تخلى الآخرين عن التحكم بي و أصبحوا ينتظرون إشارتي و حسب لنحتفل بقراري معاً ! و فهمت أيضاً أن خوفهم عليّ قد أعمى بصيرتهم عن الطريقة الأنسب للتعامل مع قلب كقلبي !
كان يقيني لا يتزحزح من فضل الله لأني علمت فيما بعد أن الكتاب الأحمر الذي رأيته في حلمي هو نفسه كتاب
Guyton’s medical physiology
و هو نفسه الذي قرأت فيه كثيراً في كلية الطب بعد سنة من ذلك الحلم .. و رغم كونه غير مقرر لكنه أثر بي كثيراً . لأن الأسئلة التي أحرجتُ بها معلمة الأحياء وجدتها تتوالى واحداً تلو الآخر في هذا الكتاب. و كأنه يعرفني أو أنه قد سمع حديثنا في المدرسة! انبهرت و توقفت و سافرت و حلمت .. و اخترت بسببه تخصصي الآن و واجهت حرب التخصص التي لازلت أخوض فيها حتى هذه اللحظة. لكني .. أسلي نفسي بـ {لا تحزن إن الله معنا} و من أغناه الله من فضله فلا يخاف و لا يحزن حتى لو مر بما مررتُ به و كتبتُ لكم قليلاً منه في هذه المدونة. أتمنى لكم حسن البصيرة و صلابة الرأي في خير .. في خير .. في خير
🙂
هذا المقال إهداء لكل المحتارين و أسئلتهم في صندوق رسائلي. و اعذروني إن لم أجب عنها كل على حدة في المستقبل القريب. أرحب بتعليقاتكم في ركن التعليق بالأسفل.
شارك المقال مع زميلك المحتار
كيف تجد السلام في تناقضات نفسك؟ اضغط هــنــا لتعرف
Pingback: ترك دراسة الطب- استفسارات | مُـدوَنَــة أَطِـبَّـاءُ الـمَـجْـد
Pingback: هــاجــس تـغـيـيـر التـخـصـص الجـامـعـي | ’Medic Of Glory
Pingback: استفسارات التخصص المناسب | ’Medic Of Glory
(حسن البصيرة و صلابة الرأي في خير .. في خير .. في خير)
والله اشوف كلامك يادكتوره وأبكي 😭
تعبت وأنا آبحث عن نفسي وكل مره آتعب نفسيا من التفكير
وتتملكني الحيره اكثر
😫وادخل في متاهه
وأحاول
آخرج منها لأني مؤمنه أن ربي مايضيع جهد أحد وراح آروح لشي يجعلني سعيدة من الداخل من في آختياري
شي يادكتوره آصحى من نومي وآنا متحمسه آعيش يومي فيه
اللهم أنر بفضلك نور بصيرتنا🌺
LikeLike
عزيزتي هاجر ،
جزء كبير من التوفيق هو أن نجتهد لنتعرف على أنفسنا ..
تعرفي على ما يتحكم بطريقة تفكيرك و دوافعك عندما تتخذين قرار ما .
اقرئي كتب التنمية الشخصية
جمعت هنا بعض الكتب التي قرأتها؛ http://wp.me/p4YKt8-RF
اختبري الاختبارات الشخصية المتوفرة على الانترنت و تعرفي على نوعية شخصيتك. عندها يكون صوت حدسك متوافق مع شخصيتك الخارجية و طريقة ممارستك للحياة بشكل عام فتصبح قراراتك أسهل و أكثر وضوحاً
LikeLike
Pingback: حيرة التخصص بعد التخرج- قصة مُتابعة | ’Medic Of Glory