فيما يلي محادثاتي على مدى أيام قليلة مع متابعة وافقت مشكورة على نشر رسائلها و ردودي لها. أتمنى أن تدعوا لها بالخير و التوفيق. تجدون هنا مثال حي على “اختلال التوازن” في يقين اختيار التخصص بعد التخرج من كلية الطب تميل الكفة إلى رأي الآخرين و تأثير المجتمع كما شرحت مؤخراً في مقال (انحناءات القدر ) .. بعض الرسائل باللهجة السعودية المحلية، أرحب باستفساركم عن أي كلمة غير واضحة. أترككم مع الرسائل و قد يكون لحديثي معها بقية و سوف يتم تحديث الموضوع تبعاً لذلك

سؤال المُتابعة: التقديم على التخصصات بيسكر بعد أيام قليلة وانا يا دكتوره ضايعه للحين ما أدري وش أبي أتخصص كنت ابي عيون مو لاني مهوسه فيه ولاعندي الشغف العظيم بس بيرضي غروري وكان حلمي وعشانه دخلت الطب  وأنا بسنوات الكلينكال( العملي) عشقت طب الأعصاب و إصابة أحد أقربائي بجلطة في الدماغ وشفت وضعه و النتيجة النهائية لحالته الصحية وماعجبني.  بعدين حانة لتخصص آخر طب الأطفال أو شبيهه لاسباب كثيره وبعضها اجهلها بس لانه اقل التخصصات تنافساً وفيه من الكرف ماالله به عليم خايفه اختاره واندم  .شورك علي يادكتوره اخذ سيرفيس (تشغيل ذاتي) سنه ولا اقدم هالسنه ؟  مع اني قدم على وظيفتك وبعثتك وبدون تفكير اخترته في كندا 

رد د.سايلنت:  السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. عزيزتي أرى كمية ضياع هائلة في حديثك ! من جراحة عيون إلى طب أطفال ثم إلى كندا بدون تفكير!  يبدو لي و الله أعلم أن “السمعة” و “الأوبهة” أهم أولوياتك، و ليس استثمار مواهبك في تخصص يناسب طبيعتك. لا أستطيع أن أنصحك بتخصص معين. و لكن بشكل عام حيرة بهذا الشكل يُفضل أن تتمهلي سنة و تجربي التخصصات التي في قائمتك. لأن الندم و ضياع الوقت ليس بالشيء السهل. ثم لن تكوني متفرغة للتفكير بل اختبارات و داوم طويل و مناوبات. لا تلتزمي بتخصص إلا عندما تكوني متأكدة و لو بنسبة ٨٠٪ على الأقل. الفرق كبير بين التخصصات التي ذكرتيها في العمل و الممارسة و نوعية المذاكرة و حتى متطلبات التقديم على البرامج. أما البعثة فتحتاج إلى تخطيط طويل و اختبارات للغة و للرخصة الكندية و ليست مجدر قرار سريع بدون تفكير. 
أتمنى لك التوفيق 

رد المُتابعة: فراستك لم تفاجائني ويمكن اتفق معاك في ان السمعة تهمني. بس كيف اصبر سنة واجرب التخصصات تقصدين تشغيل ذاتي؟اخاف ما القى وظيفة على بند التشغيل الذاتي وما قلت لك عن تخصص التخدير اللي ايضاً موجود في القائمة .  من اول الامتياز وانا ماخليت تخصص الا وجربته وكنت كل خمس دقائق لي فكره . اعرف ان تخصص جراحة العيون تنافسي وماجبت درجته والباطنة أو طب الأطفال فيها شغل على عكس الجلدية و العيون و التخدير . واعرف عن اختبارات الرخصه الكنديه والامريكيه بس ما اعرف عن التخطيط الطويل اللي يحتاجونه ؟  بس سنة تاخير صعبه خصوصا ان متطلبات التقديم كل مالها وتصعب .  وكيف اعرف مواهبي عشان اختار التخصص اللي يطورها ؟ 

رد د.سايلنت : أهلاً عزيزتي  الحمد لله تم تمديد فترة التقديم إلى ٢ مارس حتى يفكر المحتارين أكثر.  أجد أنك طالبة ذكية و تجيد استغلال الفرص. أختلف معك في أن التقديم أصبح أكثر صعوبة ، برأيي امتحان الرخصة هو الذي أصبح أكثر صعوبة و اختلافاً عما سبق. فإذا كان لديك شهادة امتحان الرخصة الطبية السعودية حديثة فتاريخ صلاحيتها خمس سنوات و لن يصعب عليك شيء لو قدمتي السنة القادمة بل بالعكس ستسنح لك الفرصة لرفع سيرتك الذاتية و التفكير ملياً قبل المغامرة.

برأيي أن الحيرة التي أنتِ فيها سيئة و جيدة في آن معاً. الجيد فيها أنها لا تنال إلا من أصحاب القدرات العقلية العالية و المجتهد الواثق. لأنه يرى في نفسه كثير من الخصال و الميزات المناسبة لأكثر من تخصص. لكن السيء فيها أنها “واسعة” و لا تتضمن الحيرة بين خيارات متشابهة و لذلك الاختيار صعب! سنوات التخصص “الرزدنسي” تنال من صبر أي شخص. ليست سهلة مهما كان مناخ العمل مريحاً فيما بعد أقصد بعد الحصول على شهادة الاختصاص. و لذلك الخوض في معتركها من باب الخوف من فوات الفرص أو لاغتيال الحيرة و حسب أو غير ذلك هذا بحد ذاته اختيار أيضاً و غير موفق في كثير من الأحيان. 

أشعر بالأسى على كثير من المتفوقين أمثالك و الذين يضيعون كمية كبيرة من طاقاتهم و التزامهم بمجال بدون رغبة فيه و إنما خوف من غيره أو تفكير غير مستقيم. كتبت مؤخراً عن أهمية توازن الأساس الذي تنبع منه قراراتنا أتمنى أن تقرئيه. تفضلي : ( انـحـنـاءات الـقـــدر )

بالنسبة لاختبار الرخصة الأمريكية و إجراءاتها تابعي هذا الموقع: saudimdinusa.com

. و تابعي قناتهم على يوتيوب و غيره. بالنسبة للكندية هذا الموقع

saudimdcanada.com

بالنسبة لرغبتك في الأبهة، هناك حاجة في نفسك تسد “الأبهة” الفراغ فيها. تأملي في نفسك و اعرفي ما هي بالضبط! هل هو غضب من مقارنة أهلك بينك و بين اخوتك؟ هل ينظر إليكم الناس في مجتمعك نظرة دونية لسبب ما؟ هل انبهر أبواك بأحدهم و شعرتي بالغيرة؟ هناك سبب ما فابحثي عنه. و السبب عزيزتي هو أن مثل هذه الحاجة النفسية “زائلة” و لا قيمة ثمينة لها لكنها تأخذ الكثير من الشخص بدون مقابل يسد بها فراغ روحه! مثل العطشان الذي يشرب من ماء البحر. شهادات العالم كلها و بعثات المريخ لن ترضيك بشكل دائم! فرحتها عابرة و فخرها كاذب لأن الناس ينسون و السنين تمر و تتغير “قوانين” الأبهة يوماً بعد يوم. بالأمس كان الحاجبين الرقيقين كالسيف من علامات الحسن و الغنى و الآن كلما زاد عرضهما و قل طولهما كان أجمل بمقياس الناس هذه الأيام ! 
أتمنى لك الخير و التوفيق دائما. كما أتمنى أن تسمحي لي بنشر ملخص سؤالك بالمجهول و إجابتي عليه في المدونة.  

 المتابعة: أهلاً دكتوره ايميلك كانه كريم بارد على حرق جديد !  شكراً لردك ووقتك. بالنسبه للاوبهة اعرف السبب وهو احد الاسباب اللي طرحتيها. بس كيف اتخلص منها ما اعرف ؟  نعم اجلوا التقديم وفيه فرصه اني اغير رغبتي في مارس اذا لم انقبل في رغبتي الاولى عشان كذا قلت بحط جراحة عيون. اعرف اني ما عندي متطلباته واقدر اغير الرغبات اللي تليه بعد كم اسبوع من الان . اقنعني كلامك جداً وما ابي اكون الانسان اللي مرتبط بتخصص لا يناسبه .  وبالضبط اللي قلتيه قبل الامتياز كنت ابي كل التخصصات وتمكنت مني الحيره فاخذت الأشهر الاختيارية شطحات ومالها علاقه ببعض وكانت تتخصصات سمعتها انها مريحه + ما جربتها في سنوات الاكلينيكيه ماعدا أحد التخصصات اللي مت عليه في أشهره المخصصه له في السنوات الاكلينيكيه وكنت حزينه لفراقه .مثل كثير تخصصات غيره . حذفت اول خيارين منهم لانهم لم يناسبوني . تميزت في بعض تخصصات اللي تدربت فيها في سنة الامتياز و بعض الأطباء حاولوا اقناعي بالانضمام لها لكن ما ابي !  بس يبقى اني ما اعرف اذا راح القى فرصه عشان اتدرب في المستشفيات بالتخصصات اللي ابيها من دون قبول في برنامج إقامة! 

شكراً على مشاركتك المواقع الالكترونية لأطباء في كندا و أطباء في أمريكا  بس انا اعرفها من كنت سنه ثالث طب وقرأت اغلب الموجود فيه . وقراري للابتعاث مو سريع ولا بدون تفكير من اكثر من ثلاث سنين وانا افكر وكان عندي هالحلم بس الحين خف مع واقعي ويوم شفت استشاريين كويسين كان تدريبهم بالسعوديه حسيت اني ما احتاج اسافر واشق باهلي ونفسي واقدر اوصل للمستوى اللي احلم فيه بس ما ضمنت القبول هنا فقدمت في برنامج وظيفتك وبعثتك .

وما امانع يادكتوره تنشرين سؤالي واجاباتك كلامي معك ما قد تناقشت مع احد فيه بهذي الشفافيه .شكراً 

رد د.سايلنت:  أولاً يا عزيزتي شكراً لك على الموافقة. لا تعلمين كم عدد المتابعين الذين يمرون بنفس ظروفك و لهم نفس طريقة تفكيرك و ستساعدهم كثيراً قراءة رسائلك. أتمنى لك التوفيق و حسن البصيرة. 

في الحقيقة ظهر مصدر “خارجي” آخر يؤثر على اختيارك و يساهم في حيرتك و هو نصيحة الأطباء الذين عملتي معهم في سنة الامتياز و شهدوا تميزك بالانضمام إليهم. هذا الشيء جداً شائع في سنة الامتياز لأن الأطباء العرب و في بلدنا خصوصاً يحبون الحكم على أطباء الامتياز و تصنيفهم إلى نافع و غير نافع! لا أقول هذا افتخاراً و لكن حتى تعرفي أن لا فراسة تنبع من نصيحتهم.. جميع أوراق تقييمي في أشهر الامتياز كتب فيها ( و أتمنى أن تنضم إلينا في التخصص السنة القادمة) . هذا غير محاولات الاقناع لأنظم لتخصص معين من قبل الاستشاريين و الأطباء المقيمين! كنت أرد عليهم و أقول هذه أنا في كل الأقسام أعمل بجد حتى لو لم أكن مهتمة به كمستقبل! و أظن أنك كذلك. و هذا في الحقيقة ما أنصح به دائماً و هو الاندماج مع تخصصات أشهر التدريب في الامتياز قدر الامكان و كأنك متخصص فيها حتى تتعرف عليها بشكل أشمل. و دعيني أخبرك بسر ، كثير من الأطباء المقيمين لا ينصحونك لاختيار تخصص ما و بالذات الذين يوعدونك بالقبول لمجرد ملاحظتهم لتفانيك! قد يكونوا قد لاحظوا أشياء أخرى لا علاقة لها بما نفكر به أنا و أنتِ ! احترامنا المبالغ فيه للأطباء و كونهم قد اختاروا التخصصات و هم أكبر منا يعمينا أحياناً و يزيد حيرتنا لأننا نأخذ كل ما يقولونه على محمل الجد! ل 

بالنسبة لعقدة “الأوبهة” عندك فلا أستطيع أن أقترح عليك حل بدون أن أعرف ما هي لأن الأمثلة التي ضربتها لك تختلف عن بعضها في المضمون. قد يكون صعب الحديث عنها و مازال شعورك بالعار و الضعف يحيط بها و لذلك أنا هنا لا أستعجلك في الحديث عنها و خذي كل ما تحتاجينه من الوقت. بداية جيدة أنك اعترفت بوجودها. 

أما بالنسبة لندمك على أشهر الامتياز الاختيارية فلا تلومي نفسك كثيراً. أنا مثلاً أخذتها في نفس التخصص مرتين و لم أكن في المرتين أنوي اختياره كمستقبل ! حدثيني عن الحيرة أحدثك عن الجنون ! 

التفكير في خطة ثانوية جيد و ينم مرة أخرى عن ثقتك بنفسك و ذكائك و لكن يجب أن تكون التخصصات قريبة من بعضها.لا تخافي من عدم القبول في مستشفيات لو لم تتقدمي بالتسجيل في الهيئة هذه السنة لأن الخيارات كثيرة. يمكنك في أسوأ الحالات حتى التدرب بحُـر مالك كما تشائين و أينما تحبين.

بالنسبة لرغبتك في الابتعاث ، اتضح لي الآن أنه حب التميز من بين الجميع يدفعك لهذا. شيء جميل و نفتخر أن من بيننا طالبات مثلك ما شاء الله. برامج التدريب هنا و في الخارج لا يمكن مقارنتها بالجملة . لأنها تختلف على مستوى التخصصات و على مستوى المدن و مراكز التدريب نفسها. فمثلاً الطب الباطني في أمريكا في ولاية معينة و مستشفى معين قد لا يكون بجودة التدريب لدى مستشفى معين في السعودية ! بالذات بعد التعديلات المدخلة على طريقة التقييم و البرامج المحلية و مشابهتها كثيراً لبرامج الاختصاص في كندا. هذا بالإضافة إلى أن الجهد الشخصي يبقى الفيصل بين الطبيب الممتاز و الطبيب العادي الذي ينجح في امتحاناته لمجرد الانتقال من سنة لأخرى. 

دعيني أقترح عليك الآتي فقد تقصر قائمة التخصصات التي تحتارين فيها الآن. أو يظهر شغف جديد و لا أعتقد أنك تفتقدين للشجاعة لتلتزمي بالجديد:

أولاً: تعرفي على نوعية شخصيتك بأداء هذا الاختبار هنا

ثانياً: تعرفي من خلال هذا الموضوع على قائمة التخصصات المناسبة لنوعية شخصيتك

ثالثاً: في ورقة اكتبي التخصصات هذا يساعدك على ازالة التشويش و سهولة التفكير . قارنيها بالتخصصات الموجودة على قائمتك. ما المتشابه بينها؟ و بين المختلف ما العنصر الموجود في التخصصات المختلفة؟ هل هو تحدي المادة العلمية الذي يشدك مثل الفرق بين تخصص طب المخ و الأعصاب و تخصص الجلدية؟ أم جو العمل الهادئ البعيد عن المرَضى مثل تخصص الأشعة و علم الأمراض؟ 

هل لاحظتي رمزية الموضوع ؟ تاج ذهبي لكنه من الماء .. زائل يذهب كالذهب !

 أتمنى لك التوفيق و أرحب برسائلك في أي وقت .

🙂 ♥️