خرّيج بين الدعم و الإعدام

b1884-basmala-svg

يؤسفني أن مقالي (إلى هيئة التخصصات مع التحية) الذي كتبت فيه عن ردة فعلي اتجاه أحد شروط الهيئة الجديدة قد تم تصنيفه من قبل الكثيرين في خانة “تشاؤم المتشائمين” و الذين يهاجمون أي فكرة جديدة لغرض الشهرة فقط. أو كتعبير عن غضبهم المكبوت اتجاه والديهم بمهاجمة الـ

Authority figures ! 

 و قد تعدى البعض إلى تصنيفي شخصياً في خانة “تهرف بما لا تعرف” بل إن مجهول_ متخفي بحساب وهمي _ و لست أذكر تحليله الغبي هنا لصحته، اتهمني بالانتحال.. فلستُ ـ بالنسبة له ـ إلا متابعة لمنتديات العرب لا أمت بصلة للطب من قريب أو بعيد أتخفى خلف كنية مستعارة خوفاً و خجلاً من تبعات ما أقول !! و حتى زميلي في العمل يسألني هل يعرفك مساعد الأمين العام؟ يا سواد ليلك البئيس! .

هنا مقالي المقصود:

إلى هيئة التخصصات مع التحية 

لكن رداً من مساعد الأمين العام للدراسات العليا بالهيئة السعودية للتخصصات الصحية على أحد متابعيه أوضح فكرتي و مقصدي من موضوعي السابق.  بشكل ألهمني لأكتب لكم ما عنيته بشكل أوضح.. 

 

Screen Shot 1437-07-29 at 11.18.44 AM

تعودنا أن الغرض الأساسي عند تصميم امتحانات الكلية  هو “تصنيف” الطلبة إلى ثلاث مجموعات كحفر لعبة الطيبين “الحصن الياباني” لابد من وجودها جميعاً لأنها قواعد اللعبة.. أسئلة مباشرة و سهلة يحلها صاحب المستوى المتوسط “جيد و جيد مرتفع” بسرعة و يرضى عن نفسه لكن عددها لا يكفي لإنقاذه.،فحتى يصل إلى مستواه الذي تعود عليه.. فلا بد أن يجاهد في حل بعض الأسئلة الصعبة بالحظ أو بالصدفة و يخرج من الامتحان و قد استنفذ قواه العقلية كلها ،يحمد الله أنه ضمن “درجة النجاح” و نجا من حفرة الوحش أبو جلمبو.  لكن نفس الأسئلة يقف عندها صاحب مستوى المقبول و المقبول مرتفع .. تساوره الشكوك بوجود خدعة في السؤال السهل فتقوده خيبته المعتادة ليختار الجواب الأكثر بعداً عن الصحة. أما الأسئلة الصعبة و التي “تتوهج” من بعيد و يميزها الجميع يتركها جملة و تفصيلاً، لأن شكه بنفسه و عقليته الفقيرة قد صنعت بينهما فجوة تخشى الصعود فلا تحاول أصلاً. هذا النوع أكثر من يخرج مبتئساً بعد الامتحان آخذاً صعوبة الامتحان بشكل شخصي ، يشتم بلا هوادة كل من كان له يد في تصميم خُدع الأسئلة و مطباتها الشاهقة. أما “النخبة” من الطلبة فإنهم يعلمون بوجود أسئلة من هذا النوع مسبقاً و لذلك فإنهم يقطعون “الميل الإضافي” في سباق التميز قبل الامتحان. يذاكرون ما لا يجرؤ صاحب المستوى المقبول على التفكير به لأنه حذفه و ذاكر التحديد و حسب.. و ما خاف منه صاحب المستوى المتوسط و حفظه بدون فهم و هو يرفع أكف الدعاء ألا يراه في ورقة الامتحان. 

كيف تُطبق ذات الفكرة على متطلبات الهيئة الجديدة؟ المجموعة المتوسطة و التي أشار إليها ضمنياً الدكتور في تغريدته هم من سيحصدون الست عشرة نقطة من أصل عشرين بقليل من الاجتهاد. و هي المجموعة الأكبر من بين طلبة الطب و المتقدمين. أقول هذا اعتباطاً و من نسب الفرز المنشورة لهذه السنة فلا أجزم بتدني مستوى الأغلبية أو نجاحهم الخارق للعادة. فيمكنك أن تحضر دورة و ورشة عمل و مؤتمر (٦ نقاط) و تشارك كجامع بيانات في بحث لم يُنشر (نقطتين) و عملين تطوعيين (٤ نقاط) كل هذه في التخصص الذي تريده (نقطتين) و إذا كنت محظوظاً بما يكفي فقد تحصد النقطتين الباقيتين إما لأنك لم تقبل في السنة الماضية فحصلت على نقطتي التدريب لستة أشهر أو قدمت محاضرة أو عرض في مؤتمر أو غيره أو أنك نشرت بحثاً كـكاتب بمعجزة ما خلال تدريبك و تم نشره قبل إعلان شروط الهيئة لهذه السنة. لكن لا تفرح بمشاركتك في بحث واحد  لأن شروط الهيئة تمنع أن تستخدم نفس النشاط في أكثر من شرط ! 

أعتقد و لا أجزم أن رد الدكتور الفاضل كان على  

Mediocre Mindset 

أي لفئة الطلبة متوسطي المستوى و الذين يشكلون الأغلبية. لستُ أقصد الشخص الذي سأل في التغريده ذاته و لكن بشكل عام..

لماذا؟ لأن صاحب المستوى المقبول سيشتم و يتذمر بشكل متخفي أو باسمه أحياناً و يرحل. و الشخص الخارق للعادة الـ

Extraordinary

سيراجع ترتيب أولوياته من جديد و يرسم خطط الحصول على العشرين نقطة كاملة للسيرة الذاتية و يضعها في جدوله بتاريخ محدد و هدف واضح. و لن يسأل إلا عن الكيفية التي سيحقق بها المطلوب. أتحدث هنا عن الطلاب الذين لا يزالون في مقاعد الدراسة على بعد سنة و أكثر عن التخرج.. 

ردي في المقال السابق لم يكن “جهلاً” بأهمية الأبحاث بل على العكس.. السبب الأول أني تذكرت إغفال هذا الجانب في منهج الطب الذي درستُه في جامعة الملك خالد بأبها. و انعدام أنشطة التدريب على البحث في المنطقة بأكملها. و حتى الآن لا نلمح إلا بوادر سترى النور في الصيفية هذه السنة..  السبب الثاني هو ضيق الوقت قبل السنة القادمة و صدمة الخريجين هذا العام بأن ما كان “رفاهية” أصبح “متطلباً أساسياً”  و “مفاجأة مضاعفة” فالمطلوب بحثين لا واحد..  من المعروف أن كثير من الأبحاث المنشورة مكتوبة بشكل غير جيد. فالكاتب بلغة غير لغته الأم يواجه منحنيات عدة منها اللغويات الاجتماعية و الشرعية.. فأحياناً تكاد تجزم أن الكاتب من أصل عربي و راجع ورقته صديقه الهندي! أذكر هنا أن سؤال شيب رأسي في الكيمياء الحيوية في امتحان ما بسبب تركيبته الغريبة في قواعد اللغة! و الذي صححته الدكتورة بعد أن طلبتها مراجعته و إعادة صياغته..  فكيف تدفع المتخرجين على دخول هذا المعترك الصعب حتى على الاستشاريين؟ و الذي يحتاج إلى تجهيز و تحضير و استعداد و تجاوز كل ما ذكرته من عقبات في مقالي السابق؟ دعنا لا نتحدث عن كورس اللغة الانجليزية في الجامعة أو تدريبنا على كتابة الأوراق العلمية في المناهج! أو حتى تحفيزنا و تنويرنا بأهمية الأبحاث أو وجود قسم في الكلية يساعد على الكتابة و التحليل الإحصائي.

تستمر غايتي في هذا المقال لتلفت الانتباه إلى العقبات التي يوجهها طلاب الطب في طريق نشر الأبحاث حتى أصحاب الهمم العالية فيهم. و تفاوت مستوى التسهيلات في الجامعات.. و لأن تفاصيل هذا الشرط جعلت من صعوبته غير مستساغة حتى بعد برميل من التفاؤل! عدد الأبحاث المطلوبة اثنين! و أن تكون كاتب\مساعد كاتب لبحث منشور في مجلات “معينة” .. ماذا عن مجلات الجامعة أو المجلات المحلية المتواضعة؟ هذا عدا عن الأشهر القليلة التي تفصلنا عن موعد التقديم للسنة القادمة . كما تم تجاهل الوقت الطويل الذي يأخذه البحث من إعداد و  كتابة و نشر لمن أراد اللحاق بالركب..

  كطالبة طب رأسي مليئ بالأفكار الخلاقة  تحتاج إلى ناصح أمين لا أعرف الكوع من البوع في الأبحاث و ليس بتقصير مني و لكن أسكن أبها حيث لا مدارس بحث أو خلافه و أطنان المذاكرة تنتظرني و لا وقت لرفاهية الأبحاث و همتي الـ”الخارقة للعادة” التي تتطلع للعشرين نقطة حاربت أجفاني! أين ألقي بنفسي و التخرج على الأبواب؟ في أحضان أهلي أتوسل إليهم أن نمضي صيفنا “الجهنمي” في الرياض أم جدة قريباً من مدرسة البحث و ورش العمل؟ أم أرضى بالانضمام لمستوى أقل مما أطمح و تعودت عليه سنين طويلة؟ باختصار شديد .. ادعموا الطلاب و لا تعدموهم! كان الخبر الصادم “أنفع” لو أنه بشّر بإضافة مادة منهج البحث العلمي في جميع كليات الطب في الخطة الدراسية و لو عن بعد! أو حتى كـ

optional module 

لأصحاب  الهمم و النخبة! و العشرين نقطة ! كيف تبني مطار و طائرات و تنسى أرضية المدرّج؟  لماذا لا يكون التقدم بالتدريج حتى لا ينكسر السُلّم؟ فاليوم مادة جديدة في المنهج و غداً شرط البحثين أساسي؟ و تظل قواعد اللعبة كما هي.. لن ينتقل الجميع إلى الصفوف الأولى و ستبقى الأربع درجات الأخيرة للمتميزين فقط.. لماذا لا يوزع الجهد على الجامعات و الخريجين على حد سواء؟ صمموا “يا أثابكم الله” المنهج و أعطونا إياه لندرسه ، لأغني إذا قصّـرتُ : لا الذنبُ ذنبكِ بل كانت حماقاتِي ..

أرحب بتعليقاتكم في مربع التعليق بالأسفل 

ماذا عن شرط البحث للمتقدمين لبرامج الاحتصاص الطبي في السعودية؟ 

مقال: ✒️

! إلى هيئة التخصصات مع التحية

 

3 thoughts on “خرّيج بين الدعم و الإعدام

  1. Pingback: ! إلى هيئة التخصصات مع التحية | ’Medic Of Glory

  2. قرأت موضوعك السابق وردك هذا ..
    لم افهم موضوع النقاط جيداً ولا انوي البحث في الجوجل لأفهم لأنني لست من المملكة السعودية..
    ولكنه ذكرني بما يحدث لدينا في دولتي حيث قللوا لسبب ما معايير الاختيار لطلاب الدراسات العليا
    فأصبح كل من هب ودب حاملاً للماجستير أو الدكتوراه وهو لا يفقه شيئاً !!
    ومن تم ينقل جهله لطلابه الذين يدرسهم ..
    حلقة مفرغة من الجهل المستمر التي ستقضي علينا في المستقبل..

    [اعجبني تصنيف الطلبة في الامتحان , وجدت تصنيفي بينهم 🙂 ]

    Like

    • موضوع النقاط هو عدد من الدرجات التي يحصدها المتقدم على المنافسة للتخصصات في البورد السعودي و هي عشرون درجة.
      المشكلة هنا هو صعوبة حصد هذه النقاط ليس بسبب تقصير المتقدمين و لكن لأن بيئة الأبحاث في بلدنا “وليدة” و لا تُساعد الخريجين و تتفاوت من منطقة إلى أخرى بشكل كبير من حيث التسهيلات. أناقش هنا نقطة العدل في ظل الرغبة الشديدة للتقدم في مجال الأبحاث.
      أي أنه عكس ما يحصل عندكم بناءاً على شرحك. فقد أصبح دخول التخصصات الطبية أكثر من صعب و حتى النخبة وجدوا من الصعوبات ما لا يُطاق.
      الله يصلح حالنا و حالكم يا رب. تسعدني تعليقاتك دائماً . كوني بخير رمضان مبارك.

      .
      موضوع تصنيف الطلبة في الامتحان هنا

      لمزيد من القصص و النصائح الحصرية. قناتي هنا

      Like

اكــتـب تـعـلـيـقـك أو سـؤالـك هـنـا

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.