من الوسائل التعليمية في كليات الطب في عصرنا غرف المشرحة حيث يصبح الطالب على اطلاع أقرب و أكثر وضوحاً لجسم الإنسان مما تعلمه في المدراس. غرف المشرحة يكون المسؤول عنها فني تشريح. شخص درس التشريح و كيفية إعداد الجثث بوسائل معينة لا يعرفها الذي يدرس الطب البشري بتفاصيلها. تسمى غرف المشرحة
Dissection Room
و يسمى الجسد الميت المعد لأغراض التشريح
Cadaver
قبل اليوم الأول للطلاب في المشرحة يمكن أن يعطيكم أستاذكم مقدمة عن ما يجب أن تفعل و ما لا يجب أن تفعل هناك. من المفيد أيضاً أن تعد نفسك و تتسلح بالمعلومات ولا تنتظرها من أحد فقد لا تأتي !
ستدخل لتجد هذا المنظر. أجساد مغطاة بشراشف بيضاء.
يقوم فني التشريح بإعداد الجثث و إخراجها من أماكن حفظها مثل أحواض الفورمالين و الثلاجات و سطول المواد الحافظة لكل درس على حدة و يعيدها بعد انتهاء الدرس و يحافظ على نظافة المكان و إعداد الجثث الجديدة و تقسيمها إلى أجزاء بالمناشير و بعض الأدوات قد تساعده إذا كان قلبك حديد
😀
المهم ,يجب أن تأخذ معك معطف الأطباء حتى لا تلتصق الروائح بملابسك و لا تتسخ بسوائل أو أي شيء آخر و لأغراض الحماية أيضاً.
قفازات طبية على مقاسك, قناع طبي للتخفيف من رائحة الفورمالين أو لمن لديه تحسس منه, قد يساعدك أن ترش عليه بعض العطر. إما أن تكون متوفرة في المشرحة أو تحضرها معك. و قطعة أخرى أحب أن أضيفها لحماية الأحذية و حتى لا تلتصق بها أجزاء آدمية لتعود بها إلى البيت معك فقد تلاحقك الأشباح هههههه
Shoe cover
أغطية بلاستيكية يستعملها الجراحين في غرف الجراحة تحمي أحذيتهم.
لن تجد قطرة دم في المشرحة كما هو شائع بين الناس .. لأن من مراحل تحضير الجثث إفراغ الدماء و استبدالها بسائل معين عن طريق الأوردة و الشرايين الكبيرة بالجسم. الصور التي تعرض في الأخبار أفضع بمراحل ! الجثث في غرف المشرحة لا تشبه حتى الميتين! سبحان الله حتى اللون مختلف, شيء مثل الدمى أو البلاستيك.. العيون غائرة و جافة منطمرة. الشعر المستعار أكثر حياة من شعر الجثث! جميع الخلايا فقدت الحياة بلا استثناء. وصلني سؤال غريب جداً عن احتفاظ الجثث بخصوبتها و إمكانية الحمل عن طريق الخطأ أو إهمال النظافة لا أدري ماذا تقصد السائلة لكن في درس تشريح الأعضاء التناسلية لا خوف أبداً من أشياء كهذه! بالنسبة للعدوى بالإيدز و التهاب الكبد و غيرها غالباً يتم فحص الجثث قبل أن تصبح بين يديكم بتراخيص معينة و إجراءات صحية و من باب الحذر أيضاً أن لا تلمسها إلا و القفازات في يدك.
كيف تتعامل مع الجثث؟ قد تشعر ببعض الرهبة عندما تنظر إلى تلك الشراشف البيضاء و تتخيل بشاعة ما تحتها و هذا شعور طبيعي. لا شيء بشع هناك. قد يكون هذا أقرب ما تعرفه عن الموت. اذكر ربك و لا تفزع. عندما ترفع تلك الشراشف البيضاء قد تجد نصف جسد أو ربع قلب أو ساقين و رأس فقط! نادراً ما تجد جثة كاملة إلا بداية السنة مثلاً إذا حان موعد استبدال الجثث. قد تأخذك أفكارك إلى اسم صاحب أو صاحبة الجثة, عمره و أهله و أولاده و حياته و كيف انتهى به الأمر في مبنى كليتكم! هذا طبيعي و هذه مشاعر إنسانية طبيعية. أذكر أني أسميت الجثة الجديدة التي أعطونا إياها في سنتنا الثانية “ستانلي” لا أدري لماذا خطر على بالي هذا الاسم لكني شعرت أنه مناسب. بعض الإنسانية أردت أن أحتفظ بها عند تعاملي معه. ستلاحظ فيما بعد أن فني التشريح لا يكشف إلا عن الجزء المراد دراسته و تشريحه في كل مرة. و ستلاحظ أيضاً إصراره على تغطية الوجه و أن هذا الجزء من التشريح سيكون آخر ما تتعلمه في هذه المادة ككل. لأن الوجه يرتبط بالعواطف الأنسانية أكثر من أي جزء آخر في الجسم. و لهذا السبب أيضاً الجراحين في المستشفى يحجبون وجه المريض عن المجال الجراحي بستارة عازلة قبل أن يبدأوا الجراحة.
ينقسم الطلاب في هذه التجربة إلى عدة مجموعات. ستجد من يدخل بكل ثقة و يلبس قفازاته و يبدأ بتقليب الجثث و ستجد من يخاف حتى من النظر يُبقي يديه قريبتين من جسده و قدميه ملتصقتين و يتلفت كثيراً. و ستجد من ينهار أو يبكي أو أي شيء. ساعدوا بعضكم لأن هذه مشاعر طبيعية, بعض الطلاب لديهم تجارب سابقة في غسيل الموتى و يرون أن الجثث لا تشبه الموتى و لا داعي للخوف. قد يحمل الفضول و النشاط بعض الطلاب للتعمق مباشرة في التشريح في الأسبوع الأول ثم تحصل له إنعكاسه خوف و توتر شديدين و كوابيس فيما بعد لأنه حاول أن يكبت مشاعر خوفه الطبيعية في البداية حتى تراكمت و خرجت مرة واحدة بقوة! اطلب مساعدة دكتور أو فني التشريح و اسألهم عن تجربتهم الأولى في تشريح الجثث سيحكون لك قصص مضحكة و ستعرف منهم بعض الأساليب التي يتبعونها لـ”ينفصلوا” عن آدمية الجثة و ينشغلوا كلياً بالمهمة التعليمية بدون أن يفقدوا احترامهم لقدسية الجسد البشري.
لهذه الأجساد حُرمة و قدسية بني آدم. تأكد من تغطية عورتها و تعاملك اللطيف معها بدون أي سخرية أو لعب. لا تدوس على أجزاء التي تسقط على الأرض أثناء نقل الجثث و أجزاها أو تركلها أو ترمي بها في سلة المهملات كأي شيء قذر!
ستسمع قصص و أساطير يؤلفها طلاب السنوات الماضية عن أفلام تحصل في غرف المرشحة في الليل و بعد خروج الطلاب و أن الجثث تستيقظ و تأكل و تشرب و تعرف من قام بتشريحها و تنتقم منه في الكوابيس بالليل و عن وجود الأشباح و أرواح الجثث التي تطاردك و تحقد عليك أو تريد أن تكون صديق لها بفوائد كلها لا أساس لها من الصحة طبعاً , يؤلفها البعض للتخفيف من التوتر الذي يشعرون به طلاب السنة الأولى و وجدت الدراسات أن هذه القصص تساعدهم على الاستراخاء فعلاً لأنهم سيعرفون أنها مزيفة و أن هذه الأجساد لاحول لها و لا قوة.
قد تتساءل عن مصدرها. هذه الجثث يتم إحضارها من الخارج بالتنسيق مع الدول و جهات معينة , لا يجوز الترحم عليهم فأنت لا تعرف دينهم. يتم دفنها في مقابر خاصة بعد تحللها تماماً و انتهاء فائدتها التعليمية. قد تجد بشكل غير متعمد بعض الأجزاء الآدمية متلصقة بدفترك أو حذائك أو في جيبك كمزحة من أحد زملائك الذي لا يعرف حرمة الميت! قم بدفن هذه الأجزاء في غير مقابر المسلمين و انتهى الأمر. إذا خطرت على بالك أسئلة كثيرة عن شرعية استخدام الأجزاء الآدمية في التعليم و الأخلاقيات الإسلامية و ما إلى ذلك تأكد من ألا تدفن هذه الأسئلة أيضاً و لكن ابحث عن الإجابات في المصادر الصحيحة. اقرأ مثلاً في كتب
Islamic Biomedical Ethics
Pingback: Medical Multimedia | ’Medic Of Glory